مفقودو الحرية .. حينما تُسرق الثورة المصرية ويُختطف أبناؤها

نشر المرصد العربى للحقوق والحريات تقريرا يرصد فيه بعض حالات الإختطاف فى الفترة السابقة وجاء فيه :

تعيش آلاف الأسر المصريين مأسآة حزينة نتيجة جريمة يرتكبها النظام بحق أبناءهم وذوبهم تُضاف لسجلات جرائم الوطن المكبل حريته، ألا وهي جريمة “الاختطاف أو الإختفاء القسري” التي تغلف حالة من الغموض على مصير الآلاف من الشباب المفقودين في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2011، وإبان أحداث فض اعتصامي “رابعة والنهضة” في أغسطس/ آب 2013.
“الفقد” هو حالة من الألم تسيطر على العديد من الأسر المصرية التي فقدت أبناءها خلال أحداث الثورات والفاعليات المناهضة للأنظمة الحاكمة في مصر سواء خلال فترة حكم المجلس العسكري عقب ثورة يناير أو خلال فترة الانقلاب العسكري عقب الثالث من يوليو /تموز ، تجعلها تعيش كل يوم وليلة على أمل أن تره إبنها أو زوحها أو زوجته، وتمر الأيام تلو الأيام ولا جديد، فلا الفقيد يعود بروحه أو حتى جثمانه، لدرجة دفعت بعض الأسر للتمنى أن يكون ذوويها في عداد الشهداء كي يطمئن قلبهم.
المثير أن ملف “المفقودين” هو واحد من الملفات الهامة ولكن عمدت الأنظمة إلى إهمالها وعدم التعليق عليها ولا الإدلاء بأي إحصائيات أو بيانات بشأنها وهو ما أثار الكثير من الشكوك والمخاوف حول مصير هؤلاء الذين خرجوا ولم يعودوا بعد حتى الآن.
وبحسب إحصائيات رصدتها جبهة استقلال القضاء، فقد بلغ عدد المفقودين في الفترة ما بين 25 يناير 2011 وحتى مارس في العام نفسه، بلغ 1200 مفقود، بحسب تقارير المراكز الحقوقية ومركز معلومات مجلس الوزراء ، فيما يبلغ عدد المفقودين بعد الانقلاب وتحديدا منذ محرقة فض اعتصام رابعة العدوية في 14 أغسطس 2013 بين مائتين وخمسمائة شخص، بحسب تقارير حقوقية محلية ودولية صدرت عن منظمتي “العفو الدولية” و”هيومن رايتس مونيتور” ومركزي “النديم” و”الكرامة”، فضلا عن أن سلطات الانقلاب نفذت جريمة الإخفاء القسري كذلك بحق الرئيس محمد مرسي وتسعة من كبار مساعديه طوال أشهر عدة في مقار احتجاز سرية ، وهو ما يشي بقلق بالغ على من المئات من المواطنين المفقودين الذين لم يتمتعوا بزخم إعلامي وحقوقي مماثل لقضية الرئيس ومساعديه أثناء الاختفاء القسري.
وهو ما دعا جبهة “استقلال القضاء” إلى إجراء تحقيقات جدية ومستقلة في ملف المفقودين تحت حكم العسكر سواء في الفترة الانتقالية بعد ثورة 25 يناير 2011 ، أو منذ ارتكاب جريمة الإنقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 ومحرقة رابعة العدوية والنهضة علي وجه التحديد ، مؤكدة أن الدولة بكل مؤسساتها ملزمة بكشف مصير هؤلاء المفقودين.
كما حملوا المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل والمجلس القومي لحقوق الإنسان المسئولية القانونية والإنسانية عن استمرار غلق ملف المفقودين ، و تناشد المقرر المعنى بالإختفاء القسري بالامم المتحدة للضغط على مصر للكشف عن مصير المفقودين احتراما للاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الدولة المصرية.
وأدانت الجبهة كل حالات الاختفاء القسري التي وقعت تحت حكم العسكر ، باعتبارها جرائم بموجب القانون الدولي، وتتعاهد بملاحقة المتورطين في تلك الجرائم التي لن تسقط بالتقادم والتي تمثل انتهاكا بشعا ضمن أشد حالات انتهاك حقوق الانسان اذا تتخطي المفقود الي المحيطين به من أفراد أسرته ، كما أنها تلغي حقوق عدة منها الحق في الحياة اذا تعرض المفقود للتصفية الجسدية أو الحق في عدم التعرض للتعذيب والحق في الاحتجاز في ظروف انسانية ومحاكمة عادلة.
في السياق ذاته، تتواتر أنباء حول وجود بعض السجون ومقرات الاحتجاز غير القانونية خاصة سجن العزولي الواقع في نطاق المنطقة العسكرية بالجيش الثاني الميداني في محافظة الإسماعيلية وتحويلها إلى  إلى مقار اختطاف قسري ، وقد انكشف ذلك من خلال شهادات الناجين من سجن العزولي الذين كانوا في عداد المفقودين لشهور ثم ظهروا بعدها.
إلى ذلك خرجت العديد من الحملات الحقوقية التي تسعى لكشف الغموض حول مصير المعتقلين ومن بينهم حملة “هنلاقيهم” وكانت أثناء حكم المجلس العسكري، ومؤخراً دشنت حملة “مفقودن في سجون العسكر” وتتبني الحملة حصر وتوثيق المفقودين فضلاً عن الكشف لوسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية بتلك الإحصائيات التي توثقها.
ومن بين حالات المفقودين التي وثقتها الحملة عقب أحداث الثالث من يوليو/ تموز 2013، ما يلى:
عمرو إبراهيم عبد المنعم متولي-23 عاماً – كفر الشيخ
قامت قوات الأمن باختطافه من أمام نادي الحرس الجمهوري صباحاً في يوم مجزرة الحرس الجمهوري الشهيرة 8/7/2013 عندما كان يساعد في نقل المصابين والشهداء ويبحث عن أخوه المعتصم بالميدان ولم يعد من حينها.
خالد محمد حافظ عزالدين -43 عاماً – محاسب – بني سويف
تم اختفاءه في 27/7/2013 فيما يعرف بأحداث  المنصة، تقول عنه زوجته في أحد تدويناتها عنه:”  قبل ما يمشى رتبلى القنوات اللى بتذيع رابعة تحت بعضها وكان بيقول كلام غريب سبحان الله ما فهمتوش وقتها .. رتبلى القنوات عشان أشوفه قدامى على قناه من القنوات دى… أشوفه مصاب بطلق حى والخرطوش مخرم هدومه وعليها دمه أشوفه قدامى فاقد الوعى وبيحاولو يركبوا له تنفس صناعى …كل دا شفته أدام عينى شفته وانا كنت مكلماه من قبلها ومطمنه عليه… شفته وحسيت الرصاصة فيا أنا وأنا عمالة انزف من جرحى اللى هيفضل ينزف لحد ما ربنا يجمعنى بيه على خير “.
عبدالحميد محمد عبدالسلام 20 عاماً – الدقهلية – الفرقة الثانية كلية شريعة وقانون
بحسب بيان لأسرته، اختطف في أحداث فض اعتصام رابعة العدوية من شارع الطيرن  بمعرفة قوات الجيش و الشرطة وهو مودع بسجون سرية و لم يتم الافصاح عن مكان احتجازه و لم يتم عرضة على النيابة و لم يتم التواصل معه، وقد تأكدوا من ذلك عن طريق شهود – احدهم شاهده لحظة القبض عليه واخرون شاهدوه يخرج مع الناس من ميدان رابعة الساعه السابعة مساء.
هذا وقد توجه أهله لعمل المحضر المقيد برقم12046 لسنة4/9 /2013 عرائض النائب العام والمحضر رقم10656و10642ل2014ومحضر نيابة الحامول برقم7201 لسنة2013 نيابة الحامول.
عمر محمد على حماد -21 عاماً- بالعاشر من رمضان – الفرقة الأولى بكلية الهندسة
وفقاً لأسرته، روت أنه اختفي عمر يوم 14/8/2013 “فض اعتصام رابعة العدوية” حيث كان متوجهاً إلى الجامعة ليستطلع نتيجتة وتنظيم حفلة راب مع أصدقاءه ، وتصادف في ذلك اليوم مجزرة فض اعتصام رابعة العدوية حيث اختطفه قوات الأمن وأدخل مدرعة جيش بحسب الأنباء التي تواترت لهم من شهود عيان.
هذا وقد قامت أسرته بعمل تحليل DNA علي جميع الجثث الموجودة بالمشارح ولم تتطابق مع أي من الموجودين، كما قاموا بعمل محضر يفيد باختفائة بتاريخ 31/8/2013 رقم 2471 اداري أول العاشر من رمضان ، وبحثوا في كافة السجون مثل أبو زعبل وطرة وبرج العرب وسجن العازولي الحربي ووادي النطرون ومصلحة السجون وجميع أقسام مصر وكان الرد انه غير موجود بتلك السجون .
كما قاموا بتقديم بلاغ للنائب العام برقم 12060بتاريخ 11/6/2014 وتحولت الي نيابة شرق القاهرة برقم 1394 وأرفقت برقم 800، ولم يعد لهم حتى الآن.
محمود إبراهيم مصطفى أحمد عطية -36 عاماً – بمحافظة الغربية – خريج كلية لغة عربية أزهر
تحكي عنه زوجته فتقول: آخر اتصال به كان يوم فض رابعة السادسه مساءاً  بعد اقتحام واستيلاء قوات الفض على المنصة، وجاءت أخبار لنا بأنه معتقل بسجن “العزولي”، وحتى الآن لم يعد ، مشيرةً إلى أن من شباب الثورة الذين اعتصموا بميدان التحرير حتى رحيل المخلوع مبارك.
محمد خضر على محمد – مهندس حاسبات خريج هندسه الكترونيات حاصل على بكالوريوس الهندسه وعلوم الحاسب– بورسعيد
يقول عنه شقيقه:” محمد كان موجود وقت الفض وأخر إتصال تم بينا وبينه كان الساعه 7 صباحا وكان في ميدان رابعه أمام طيبه مول، وبعد كده انقطعت كل الطرق اليه ولم نعثر له على مكان ولا على جثة”.
عادل درديري عبد الجزاد – عامل – القاهرة – متزوج ولديه إثنان من الأبناء
تروى والداته أنه اختطف من ميدان رابعة ولم يعد للبيت منذ مجزرة رابعة وأنها قاموا بإجراء كافة تحاليل الـDna  ولم يجدوا جثته ولم يكن بين المصابين أو المعتقليين ولم يعد بيته حتى الآن.
أسامة رشدي عبدالحليم– من مدينة السويس
فقد بتاريخ 2/9/2013 كان خارج منزلها، فى وقت الحظر التجول وقتئذ، وقد تم إيقافه بالشارع ووقعت بينه وبين أحد الضباط مشاداة ومن وقتها لم يعد لبيته ولا يعلم مكانه.
محمود محمد عبدالسميع -36 عاماً – من الفيوم
حسب رواية أسرته، فإن قد تغيب يوم الأربعاء 14/8/2013 أحداث مجزرة “فض رابعة”، وكانت أخر مكالمة بينه وبين أسرته كانت يومها الساعه السادسة مساءاً وكان متواجداً حينها بشارع الطيران، ومن بعدها انقطعت أخباره ولم يجدوا لا بين الشهداء ولا المصابين ولا المعتقليين.
محمود أحمد محمدي على بدوي – 36 عاما ً- القاهرة – عامل – متزوج ولديه 4 أبناء
بحسب رواية أسرته فقد فقد بإعتصام رابعة العدوية يوم مجزرة الفض وكانت أخر مكالمة بينهم وبينه الساعة العاشرة صباحاً ومن حينها لم يعد ولا يعرف مكانه.
أسماء خلف شندين عبدالمجيد
طبيبه بمستشفي صحة المرأه بأسيوط ، نائب مقيم بقسم النساء والتوليد بمستشفي القصر العيني بأسيوط، اختفت من أمام بوابة المستشفي اثناء عودتها الي المنزل بسوهاج يوم 18/04/2014 بعد انتهاء مواعيد عملها، وقام أهلها بتحرير محضر بأختفائها بقسم أول أسيوط برقم 2536 أداري في يوم 19/04/2014 ، وحينما لم تعد جاءت لأسرتها مكالمات تليفونية من أشخاص مجهولين فحواها أن أسماء خلف شندين عبد المجيد موجودة بجهاز الأمن الوطني، ومنذ ذلك الوقت لم تعد لبيتها.
أشرف حسن إبراهيم محمد – 38 عاما ً-عامل فني – المنوفية
اختفي يوم مجزرة المنصة ولم يعد لأهله من وقتئذ.
محمد الشحات عبدالشافي – 31 عاماً – عامل حر
بحسب رواية شقيقه، فإنه فقد منذ مجزرة فض اعتصام رابعة، ومن شاهده رآه وهو ينقل المصابين ولم يشاهده بعد الساعة الحادية عشر صباحاً ومن ذلك الوقت لم يستدل عليها ولم يجده أهله بين الشهداء أو المعتقليين.
حامد محمد اسماعيل
موجه بالتربية والتعليم وعضو نقابة المعلمين بالاسماعيلية، وعضو التحالف الوطنى لدعم الشرعية محافظة الاسماعيلية، تم اختطافه من مقر عمله يوم الثلاثاء الموافق 22/7/2014 وتم اقياده لجهة غير معلومة، هذا وقد قامت أسرته بالبحث عنه فى جميع أقسام الشرطة والسجون ولم يتم العثور عليه حتى الآن.
علا عبدالحكيم محمد السعيد – متزوجة – بالفرقة الأولى كلية شريعة جامعة الأزهر فرع الزقازيق
اختفت يوم الخميس 3 يوليو 2014 -ذكرى الانقلاب العسكري-أثناء توجهها لجامعتها ومن ذلك الوقت لم تعد إلى بيتها ولم يستدل على مكانها.
بدورها أدانت اللجنة القومية للدفاع عن المظلومين جريمة الاختطاف مناشدةً جميع الجهات المعنية بالبحث عنهم لاسيما مع تزايد أعدادهم وسط حالة من الحزن والألم تسيطر على أسرهم بلغت لحد الموت لبعض الأهالي حزنا ًوكمداً على فقدان أبناءهم.

المرصد العربى للحقوق والحريات

التعليقات