إعدام تسعة مصريين يرفع عدد من أكدت أحكام الإعدام بحقهم إلى 680 مواطنا

خطر وصول هذه الأحكام للدرجة النهائية بموجب قانون الإرهاب الجديد سيسرع في تنفيذها ، على أمين عام الأمم التدخل بما يملك من آليات لمنع حدوث عمليات قتل جماعي

قضت دائرة الإرهاب بمحكمة جنايات المنصورة برئاسة المستشار أسامة عبد الظاهر بتاريخ 7 سبتمبر/أيلول 2015، بـ إعدام تسعة شبان بينهم أربعة طلبة على خلفية اتهامهم في القضية 16850 لسنة 2014 جنايات مركز المنصورة، والمتهم فيها 24 شخصاً من أبناء محافظة الدقهلية، كما قضت بالسجن المؤبد للبقية.

وكانت المحكمة قد أحالت أوراق عشرة من المتهمين في القضية بتاريخ 9 يوليو/تموز 2015 إلى مفتي الجمهورية لإبداء رأيه الشرعي في إعدامهم، على خلفية اتهامهم بقتل رقيب شرطة وارتكاب أعمال عنف ضد قوات الجيش والشرطة وتكوين خلية تدعو لتكفير الحاكم وحيازة متفجرات وأسلحة.

وجاء تصديق حكم الإعدام على تسعة من المحالة أوراقهم إلى المفتي وهم عبد الرحمن محمد عبده عطية، وإبراهيم يحيي عبد الفتاح عزب، وباسم محسن حسن الخريبي، ومحمد علي أحمد أحمد العدوي، ومحمود ممدوح وهبة عطية، وخالد رفعت عسكر، وأحمد الوليد الشال، ومحمد جمال، وأحمد محمود أحمد دبور، بينما تم الحكم بالمؤبد على كل من إسلام علي المكاوي، ويحيي رضا يحيي مصطفى، ومحمد فوزي شاهر محمد كشك، ومصطفى جلال محروس علي، وعبد الله محسن عبد الحميد العامري، ومحمد محسن عبد الحميد العامري، وأحمد محسن عبد الحميد العامري، ومحمد محمد حافظ على، ومعتز محمد عبد النعيم إبراهيم، ومحمد مصطفى محمد عرفات، وبلال محمد علي علي شتلة، وعبد الحميد مجدي عبد الحميد السيد، ورضا محمد محمد إدريس، أيمن محمد السيد فرج أبو القمصان، كما تم الحكم غيابياً بالسجن 10 سنوات على عبد الرحمن رفعت جاد عسكر.

وكانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا قد وثقت تعريض أغلب المعتقلين على خلفية تلك القضية للاختفاء القسري لفترات متفاوتة وللتعذيب القاسي بوسائل لا آدمية لإجبارهم على تصوير اعترافات ملفقة حول ارتكابهم جرائم إرهابية أمام الكاميرات وبثها على شاشات التليفزيون لشيطنة المعارضين وترسيخ إدانة المعتقلين لدى الرأي العام المصري قبل بدء التحقيقات القضائية معهم.

ذكرت أسر كلا من خالد رفعت جاد عسكر –مواليد 23 نوفمبر 1989، محمود وهبة عطية أبو زيد-مواليد 16 اكتوبر 1993، أحمد الوليد السيد الشال-مواليد 29 مايو 1989، أنهم اعتقلوا من السيارة الخاصة بخالد بتاريخ 6 مارس 2014، وتم اقتيادهم إلى مكان مجهول دون تمكينهم من التواصل مع أسرهم أو المحام الخاص بهم، وبتاريخ 12 مارس 2014 فوجئت الأسر بمقطع مصور لاعترافاتهم بارتكاب جرائم تم بثه من خلال الإعلام الرسمي للنظام المصري والفضائيات المملوكة لرجال أعمال موالين للنظام ويبدو على الثلاثة آثار التعذيب ، وعلى الرغم من عرض ذلك المقطع إلا أن أجهزة الأمن استمرت في تعريضهم للاختفاء القسري لمدة 14 يوماً أخرى، وأضافت الأسر أنهم علموا فيما بعد أثناء الزيارات أنهم تعرضوا لأشد أنواع التعذيب البدني بالصعق بالكهرباء والتعليق والجلد بالإضافة إلى التعذيب المعنوي بالتهديد باغتصاب أخواتهم وأمهاتهم إن لم يقوموا بالاعتراف بالشكل المطلوب منهم حرفيا، وأكدت الأسرة أنهم تقدموا بما يفيد تعريضهم للاختفاء القسري و طلبوا عرضهم على الطب الشرعي لإثبات التعذيب إلا أنه تم تجاهل طلباتهم تماما.

كما ذكرت أسرة عبد الرحمن عطية هلال بيومي-مواليد 12 اغسطس 1988 أنه ” تعرض للإعتقال من مطار القاهرة بتاريخ 7 فبراير 2014 أثناء توجهه للعمرة وتعرض للاختفاء القسري لمدة 12 يوماً تعرض فيها للضرب والتعذيب بمقر الأمن الوطني بمدينة نصر حيث تم تعليقه وصعقه بالكهرباء في جميع أجزاء جسده، وكان معصوب العينين طيلة تلك الفترة، وبعدها تم عرضه على النيابة في وجود أفراد من الأمن والذين أجبروه أمام وكيل النيابة على التوقيع على محضر باعترافه”.

وفي إفادتها للمنظمة قالت أسرة باسم محسن حسن علي الخريبي-مواليد 11 مارس 1987 أنه “تعرض للاعتقال من شارع سيدي عبد الخالق المتفرع من شارع بورسعيد بالمنصورة مساء الثلاثاء 4 مارس 2014 واقتيد إلى مكان مجهول وتعرض للإختفاء القسري لما يزيد عن الشهر دون عرضه على النيابة أو تمكين أسرته من التواصل معه، وبعدها تم عرضه على النيابة وتم الزج باسمه في تلك القضية، وأضافت الأسرة أنها علمت منه فيما بعد أنه كان محتجزاً بمعسكر الجلاء العسكري بالإسماعيلية أو ما يسمى العازولي وتعرض هناك لكافة أنواع التعذيب، كما تم تعذيبه بمقر الأمن الوطني بمدينة نصر قبل عرضه على النيابة ليجبر أمامها على الاعتراف”.

كما ذكرت أسرة الطالب إبراهيم يحيى عبد الفتاح عزب-مواليد 03\04\1990 في إفادتها أنه” اعتقل من أحد شوارع المنصورة بتاريخ 6 مارس 2014 واقتيد إلى مكان مجهول وبعد يومين فوجئت الأسرة بوزارة الداخلية وقد بثت مقطعاً مصوراً له يقوم فيه بالإعتراف بتكوين خلية إرهابية بالمنصورة تقوم بأعمال تخريبية بالبلاد وتعتنق أفكاراً تكفيرية، وظهر معه أشخاص آخرون في ذلك المقطع، وكان واضحاً عليهم جميعاً آثار الضرب والتعذيب، وأضافت الأسرة أن آثار التعذيب لم تذهب من جسده حتى الآن، حيث يوجد آثار جلد وصعق بالكهرباء على ظهره، وآثار حرق في ساقيه وعلى الرغم من ذلك رفضت النيابة العامة و المحكمة إجراء أي تحقيق في وقائع تعذيبه واعتبرت أن اعترافه بهذه الصورة سليما”.

وكان محمد محمد حافظ علي-مواليد 11 يونيو 1984 أحد الأشخاص الذين ظهروا في ذلك التسجيل المصور المشار إليه والذي حُكم عليهم بالمؤبد، وأفادت أسرته أنه “تم اعتقال محمد مساء الأربعاء 5 مارس 2014 وتعرض للاختفاء القسري لمدة ثلاثة أيام، ثم ظهر في مقطع مصور ثناء اعترافه بارتكاب اعمال إرهاب وعنف، ويعاني محمد من مرض التهاب الكبد الوبائي”.

وفي إفادتها للمنظمة قالت أسر المحتجزين أحمد محسن العامري (30 عاماً)، وشقيقيه عبد الله محسن العامري (27 عاماً)، ومحمد محسن العامري -مواليد 27 يناير 1991 وصهرهم رضا محمد محمد ادريس-مواليد 1 سبتمبر 1994، في شهادتها للمنظمة “أن قوات قسم ثان المنصورة توجهت إلى العقار الذي تقطن به الأسرة بالمنصورة يوم 5 مارس 2014 الساعة التاسعة مساءا وقامت باعتقال كل من هو موجود بالمنزل حيث قامت باحتجاز عبد الله ووالدته وشقيقه الأصغر محمد وصهره رضا محمد وعقب علم السيد (محسن العامري) والد المحتجزين عن اعتقال زوجته وابنيه (عبدالله ومحمد) توجه برفقة ابنه الأكبر(أحمد) إلى قسم ثان المنصورة فقاموا باحتجازهما أيضا، ثم أطلقوا سراح الأم ثم في اليوم التالي أطلقوا سراح الأب (محسن) ثم تم نقل كافة المحتجزين إلى مديرية أمن المنصورة وهناك تعرضوا للتعذيب لمدة ثلاثة أيام حيث تم تعليقهم وصعقهم بالكهرباء لإجبارهم على تسجيل اعترافات بارتكاب أعمال إرهابية وانتمائهم إلى جماعة الإخوان المسلمين وتكوين خلية إرهابية، وبعدها تم بث ذلك الفيديو الذي بدت فيه آثار التعذيب عليهم بصورة واضحة، وأضافت الأسرة أنهم لم يعرضوا على النيابة إلا بعد تسجيل ذلك الفيديو.

الطالب محمد مصطفى محمد عرفات-مواليد 12 ديسمبر 1992، ذكرت أسرته أنه ” تعرض للاعتقال بتاريخ 7 مارس 2014 من منزل أحد أصدقائه بمدينة دمياط وتعرض للاختفاء القسري لأكثر من ثلاثة أيام، علمت الأسرة منه فيما بعد أنه كان محتجزاً بقسم ثان المنصورة وتعرض خلال تلك الفترة للتعذيب القاسي للتوقيع على اعترافات مملاة، كما ذكرت الأسرة أنها تقدمت بطلب لعرضه على الطب الشرعي لإثبات ما تعرض له من تعذيب إلا أن وكيل النيابة تجاهل ذلك الطلب ومن بعده المحكمة”.

وفي افادتها للمنظمة قالت أسرة المهندس أحمد محمود أحمد دبور-مواليد 26 يونيو 1986 أنه “اعتقل من داخل محل عمله بالمنصورة بتاريخ 1 مارس 2014، واقتيد إلى مكان مجهول، ثم تم تعريضه للاختفاء القسري لشهر كامل تعرض خلالها لأقسى أنواع التعذيب حيث تم جلده وتعليقه وصعقه بالكهرباء، بالإضافة إلى الإهانات اللفظية، وبعدها تم عرضه على النيابة وكانت آثار التعذيب واضحة عليه إلا أن وكيل النيابة تجاهل التحقيق في الأمر ولم يعرضه على الطب الشرعي”.

وقد قامت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا بدراسة أوراق القضية والتي كانت ككل أحكام دوائر الإرهاب تفتقد للمنطق والمعقولية قبل أن تفتقد أدنى معايير العدالة الجنائية، كما تم التواصل مع فريق الدفاع ومع شهود عيان حضروا جلسات المحاكمات وخلصت المنظمة إلى أبرز الخروقات القانونية و هي:

اعتماد المحكمة كعادة دوائر الإرهاب على تحريات مجهولة المصدر من قبل الأمن، واعترافات المتهمين التي تم انتزاعها منهم تحت وطأة التعذيب،هي أدلة لا يعتد بها ولا يمكن الإستناد إليها في أي حكم بالإدانة.

رفض المحكمة ومن قبلها النيابة العامة فتح أي تحقيق في وقائع تعريض المتهمين للتعذيب القاسي والاختفاء القسري لفترات متفاوتة ينسف مبدأ حياد المحكمة ويشير إلى تسييس قرارها.
فبركة وتلفيق الاعترافات التي أمليت على المتهمين في القضية حيث اختفت الأسلحة التي ظهرت أمام المتهمين في الفيديو من القضية الفعلية واقتصرت الأحراز في المحضر الرسمي على ماسورة صرف صحي وبندقية قديمة لم تستعمل من قبل وليس فيها أعيرة نارية.
تناقض محاضر الضبط والتحقيقات مع المضبوطات والذي يوحي بفبركة القضية بصورة مفضوحة حيث ذكر محضر التحريات أن الدراجة النارية التي كان يستقلها الوليد حمراء اللون رغم أن ما تم تحريزه داخل القضية هي دراجة نارية رصاصية اللون.
عدم وجود أي صور للواقعة على شريط كاميرا المراقبة الخاصة بـأحد مصانع الأسمدة التي جاورت محل الواقعة والتي أكد المحضر ظهور المتهمين فيه، وقام أحد أعضاء هيئة الدفاع بطلب مشاهدة ذلك الشريط المسجل لكاميرا المراقبة وبعد إصرار شديد تمكن من مشاهدته ليتبين أنه لا يحوي أية مقاطع تظهر وجود أي من المتهمين في القضية.
وبهذا الحكم يرتفع عدد الذين تم تثبيت حكم الإعدام في حقهم في مصر منذ الثالث من يوليو/تموز 2013 إلى 680 شخصاً، تم تنفيذ حكم الإعدام في حق 7 منهم بالفعل بعد استنفاد طرق الطعن القانونية، ضمن 1734 أحيلت أوراقهم إلى المفتي.

إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تؤكد أن أجهزة الأمن المصرية تمتهن تلفيق التهم إلى المعارضين وارتكاب جرائم بحقهم وتعريضهم للتعذيب الجسيم لإجبارهم على الإدلاء باعترافات مملاة للحكم عليهم بأحكام قاسية تصل للإعدام.

وتؤكد المنظمة أن القيادات الأمنية بمديرية أمن المنصورة تمارس جرائم الخطف والإحتجاز غير القانوني والتعذيب والتزوير في المحررات الرسمية والتزوير المعنوي بتلفيق تحريات كاذبة وفقا للقوانين المحلية بشكل متكرر ومنهجي.

كما تؤكد المنظمة أن تصوير المتهمين بشكل مهين إنسانيا وبصورة مذلة لهم وتحت وقع التعذيب وإجبارهم على الإدلاء باعترافات ملفقة ومملاة عليهم هو تصرف غير مقبول قانونا ولا أخلاقيا، كما أنه يعد انتهاكا جسيما يضاف إلى جملة الانتهاكات لحقوق الإنسان في مصر ويؤكد على انهيار المنظومة الأخلاقية والقانونية لدى أفراد الشرطة المصرية، كما يهدر بالضرورة كل ما تقوم به هذه الجهات من تحريات وتحقيقات لمخالفاتها للقانون.

إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تحذر من الخطر القائم الذي يتهدد كافة المتهمين المحكوم عليهم بالإعدام مع إقرار قانون الإرهاب والذي قلص من فرص النجاة والإنتصاف القانون والتمتع بمحاكمة عادلة.

وتدعو المنظمة الأمين العام للأمم المتحدة أمام العناد المستمر للسلطات المصرية والاستهتار البالغ بحقوق الإنسان، تفعيل أدوات الأمم المتحدة وتشكيل لجنة تقصي حقائق كاملة الصلاحيات للكشف عن الجرائم التي ارتكبت عقب الثالث من تموز 2013 وتقديم المسؤولين عنها للعدالة.

المصدر: المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا

التعليقات