البيانات الأساسية
الحرية في مصر المحروسة باتت هي الحُلم المنشود و الأمل البعيد المنال ،فمعنى أن تعيش بين أربع جُدران لهو معنى يحمل من المعاناة ما يحمل ويثقله الهم وتفوح منه رائحة الزنازنين و يكون أقسى ما يكون على النفس البشرية ، فأي حرمان من الحريّة يعد قتلاً بطيئاً لروح الإنسان وحياته وبهجتها . قضيتنا هنا نعرض لملف المختطفة و المعتقلة تعسفياً فاطمة نصار وإليكم تفاصيل القضيّة ..
الطالبة فاطمة نصار إبراهيم محمد ، تبلغ من العمر 23 عاماً ،من محافظة الإسكندرية ، تدرس بكلية التجارة الفرقة الثالثة بجامعة الإسكندرية لديها أربعة أخوة ، اختطفتها قوات الأمن المصرية من منطقة السيوفي شماعة من أحد الشوارع الجانبية بعد فض القوات لمظاهرة كانت مرّت بالمكان ، وتم الاختطاف في الثالث من شهر يناير لعام ألفين وأربعةَ عشَر ميلادية ، وتم الاختطاف اثناء مُحاولتها إسعاف شخصِ كان قد تعرض للإختناق بسبب ضرب قنابل الغاز في محيط المكان من قبل قوات الأمن ، وتم إخفائها داخل قسم أول شرطة المنتزه لأربعة أيام لا يعلم أهلها عنها أي شيء .
وكما يروي والدها عن كيفية اعتقالها قائلاً:
” بنتى لم تكن بالمظاهرة ،كانت بتذاكر عند صديقتها بالسيوف وعرفنا بالفعل ان كان في مظاهرة في أحد الشوارع المحيطه بمنزل صديقتها ، ونزلت تروح البيت وجدت شخص كبير في السن أغمى علية من الغاز الي الشرطة ضربته على المسيرة وهي بتفضها فحاولت تنقذه ،جاء أحد العساكر ضربها بظهر البندقية على كتفها ورأسها وأخد منها مذكرات الكلية والمحمول وصرخ فيها اركبي العربية فوجدت ملثمين ورجال أمن مسلحين ومعهم أطفال أيضاً أخدوهم تقريباً من المظاهرة بعد الفض ومنذ اختطافها من عصر الجمعة 3 يناير 2014 إلى يوم الإثنين لا أعرف عنها اي شيء ولا حتى مكانها ومع من ركبت أو من اختطفها .”
هذه الشهادة وما ورد بها يُعد إخفاءاً قسرياً للطالبة وهو جريمة إنسانية يعاقب عليها القانون ويعد مُرتكبوها مجرمين في عرف القوانين والمعاهدات الدولية ايضاً ونذكر هنا المادة(1) من الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري : لا يجوز تعريض أي شخص للاختفاء القسري ولا يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي كان، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد باندلاع حرب، أو بانعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأية حالة استثناء أخرى، لتبرير الاختفاء القسري ” .
أربعة أيام من الاختفاء القسري ثم عُرف مكانها بحسب ما رواه والدها حيثُ قال : “منذ عصر الجمعة وإلى يوم الإثنين لم نعرف أي شيء إلا من قرار النيابة بصدور قرار بحبسها 15 يوماً على ذمة التحقيقات وعرفنا أنهم أخدوها لقسم أول المنتزه وخلصوا الإجراءات وطلعوا القرار وبنتي أنكرت كل التُّهم الموجهة إليها لأنها بالفعل لم تشارك في أي مظاهرة ولا تعلم شيء مما واجهتها به النيابة ومنها ” قتل الحاجة زينب ذات الـ 83 عاما وكانت مشاركة في المظاهرة وقتلت ذاك اليوم على يد عناصر الأمن أثناء فض المظاهرة ، وأيضاً إثارة الشغب والبلطجة وحرق بوكس شرطة ” كل ده وبنتي لم تشارك ولا تعلم شيء عن هذا الأمر “.
وتم على الفور تحرير محضر للقضية برقم 76 لسنة 2014م إداري أول المنتزه ، وتم حبسها 15 يوماً على ذمة التحقيقات إلى يومنا هذا فيما عرف بقضية (أحداث السيوف ) ،وتم احتجازها في مديرية أمن الاسكندرية لفترة ومن ثمّ تم ترحيلها فيما بعد إلى سجن دمنهور العمومي والمعروف بسجن – الأبعادية – حيث السُمعة المعروفة .
إذاً ما تم من اعتقال تعسفي يُعد انتهاكاً واضحاً لنص المادة (54) من الدستور المصري والتى نصت على : لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق.
وتوالت فيما بعد التجديدات بالحبس دون وجه قانوني للوضع القائم إلى يومنا هذا ، فالطالبة قضت ما يُقارب الـ 452 يوما في سجون السلطات المصرية دون بت في القضية وهذا ايضاً خرق واضح لكل الأعراف الدولية والدستورية حيث قالت المادة السابقة من الدستور : وينظم القانون أحكام الحبس الاحتياطي، ومدته، وأسبابه، وحالات استحقاق التعويض الذي تلتزم الدولة بأدائه عن الحبس الاحتياطي، أو عن تنفيذ عقوبة صدر حكم بات بإلغاء الحكم المنفذة بموجبه . وأيضاً ماتم ذكرة في الماده(9)من العهد الدوليّ :” ويكون من حقه أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو أن يفرج عنه. ولا يجوز أن يكون احتجاز الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة “.
وأما ما ذكرته العائلـة عن الانتهاكات التي تتعرض لها ابنتهم حيث قالوا أنها : ” حبست مع الجنائيات والمحكومين ” وهذا في ذاته هدرٌ واضح لما جاء في المادة(10)من العهد الدولي: يفصل الأشخاص المتهمون عن الأشخاص المدانين، إلا في ظروف استثنائية، ويكونون محل معاملة على حدة تتفق مع كونهم أشخاصا غير مدانين ” ، وذكر الوالد أيضاً أنهم لم يستطيعوا رؤية الطالبة إلا بعد اختطافها وأمر الحبس الذي أظهرته النيابة فيما بعد وزاروها أول مرة يوم 16 إبريل 2014 ، ناهيك عن القلق القاتل الذي أصاب الأهل جراء هذا الإختفاء الغير مُبرر .
وفي نهاية المطاف لم تنته القضية بعد فالتجديد مستمر إلى يومنا هذا ، وأحيلت القضية إلي محكمة الجنايات بتاريخ 24 ديسمبر 2014 ، وكانت آخر جلسة عقدت بتارخ 19 يناير 2015 وتم تأجيل نظر القضية إلى يوم 18 مايو 2015 القادم .
ونحن بدورنا كمنظمة إنسان للحقوق والحريات ، نرفض أي إجراء يتم بهتك القوانين والمواد الحقوقية التي حفظت حرية اي شخص مهما كان فعلة وجرمه ، ونطالب المعنيين بشؤون الإنسان وما يخصُ أمنه وسلامته وحريته أن يشددوا العقوبـات على مرتكبي هذه الجرائم وأن تُسن القوانين والمواد الرادعة حتى ترفع هذه الانتهاكات عن نساء مصر وشبابها .