“قليل هم الذين يحملون المبادئ ، وقليل من هذا القليل الذين ينفرون من الدنيا من أجل تبليغ هذه المبادئ ، وقليل من هذه الصفوة الذين يقدمون أرواحهم ودماءهم من أجل نصرة هذه المبادئ والقيم ، فهم قليل من قليل من قليل”كانت هذه من كلمات الطبيب الذي صدق في مقاله هذا وكان من هذا القليل الذي اصطفاه الله تعالى.
الدكتور رامي حسين عبدالعال ، طبيب بشرى دفعة 2008م طب الازهر ، مواليد 29- 1- 1985م من أجا دقهلية ، متزوج من طبيبة وله طفلان أحمد سنتين وأنس 6 شهور.
تميز الدكتور رامي بابتسامة معبرة عما في أساريره من رقة المشاعر وحنو القلب وحرص على رسم البسمة في وجوه الآخرين.
وهو أحد كوادر حزب الحرية والعدالة وأمين شباب الحزب بمركز أجا وأحد نشطاء العمل السياسي والثوري ومن أوائل فرسان ثورة يناير ، وكان متفانياً في تقديم الخدمات للجمهور ونال احترام من يؤيده في الفكر ومن يخالفه كذلك.
شاهد الدكتور رامي حسين الموت المرة تلو الأخرى من البلطجية في كثير من الأحداث
وفي يوم 28- 6-2013م هاجم البلطجية مقر حزب الحرية والعدالة بأجا وأحرقوا المقر ، وتعرض الدكتور رامي لطعنة بالمطواة فى صدره لكنها لم تصبه نتيجة ارتداءه لحزام تخسيس ، وأصيب ببعض الكدمات الخفيفة.
وفي اليوم التالي 29 يونيو ، أعد الدكتور رامي حقيبته وشد رحاله للرباط والاعتصام في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة ، وكان الدكتور رامي هو المسئول عن خيمة أجا.
وعقب أحداث الحرس الجمهوري كتب يقول: إلى الشرفاء الذين لم ينزلوا الميدان ، أنتم شرفاء حتى الان ، لأنه لا شرف لمن رأى مصر تسرق وجلس فى بيته ، ولا شرف لمن رأى الحق ولم ينتصر له ، الشرف مواقف ، فلينتفض الشرفاء فوراً وإلا الشرف للأبطال والشهداء ولا حجة لأحد أمام الله ، هل تتجرأ وتقول لربك إذا سألك أين كنت؟ أنك كنت فى بيتك أو متجرك أو عيادتك أو دنياك ، أدرك شرفك قبل اللحظة الفارقة فهى آتية لا محالة بوعد لله .
وحين وقعت الأحداث التالية أمام المنصة (النصب التذكاري) والتي دامت نحو 12 ساعة ، قام فيها بنقل الضحايا واسعاف الجرحى قال لأحد رفقاءه : هو احنا ملناش نصيب فى الشهادة دى ولا إيه؟ .. فعلا .. هيا مابتلمش !.
ومع انقضاء شهر رمضان وقبل العيد بيومين جاء إليه والديه وزوجته وأولاده واخواته إلى الميدان ليعيدوا معه ، وكان عيداً مختلفاً ، ولم يدر هؤلاء أنه عيد الوداع .
وفاته :
يقول احد رفقاءه : فى ليلة الفض ذهبت أنا والدكتور رامى وآخرين لشراء بعض المستلزمات للخيمة ، وفى الساعة الثانية ليلاً ، صلى الدكتور رامى قيام الليل وتناول السحور ثم صلى الفجر ، ثم ذهبنا إلى لنطمئن على استعدادات التأمين ولم نكن نتوقع أن يكون الفض بهذا الإجرام ، ثم عدنا للخيمة وجلسنا نتسامر وكان الدكتور رامى في غاية السعادة هذا اليوم ثم نمنا قليلاً حتى فوجئت بالدكتور رامى يوقظني قائلا: يالا الفض بدأ.
كان الضرب ينهال على الميدان من كل النواحي ، تركنا كل شئ ما عدا شنطة المعدات والكمامة ، ورامي لا تفارقه الابتسامة وهو يعد نفسه للخروج من الخيمة، وخرجنا خارج الخيمة ، ونظر الدكتور رامى لمبنى الإدارة العامة للمرور ورأى قناص ويظهر الجزء الأمامي من السلاح ، وفجأة أطلق الرصاص الغادر على الدكتور رامي واخترق الرصاص رأسه ووقع على الأرض غارقاً في دماءه وقال ” لقد رأيت منزلتي في الجنة” .
وحينما حمله إخوانه إلى الاسعاف لنقله ، تم اعتقال والده من سيارة الاسعاف حيث كان يرافقه .
يقول المهندس عبد الله محمود: كنت معه آخر لحظاته داخل سيارة الاسعاف أنا والحاج حسين والده ، وكان في غيبوبة تامه ، ولكن كان ينطق بالشهادة وكلمه لا اله الا الله .
انقطعت أخبارهما عن أسرته حتى تأكد لهما خبر وفاته واعتقال والده الذي لم يعرف بوفاة ابنه إلا بعد نحو أسبوع.
تقول والدته : أنا سعيدة جداً باستشهاد ابني ، هو من خيرة شباب البلد ، فيه كل البر وكل الود وكل الحب .
تقول زوجتة أنها تشعر بوجوده طوال الوقت ولا تشعر أبداً أنه فارقهم ، إنه ما زال حياً ومن قتلوه هم الأموات.