تستهجن مُنظمة “هيومن رايتس مونيتور”، السياسة الأمنية المتبعة في ملف الحقوق والحريات والتعامل غير الصحيح بشأن حقوق المواطنين في حرية التعبير التي تعزز السلام المجتمعي، فقد عكفت السلطات الأمنية في الآوانة الأخيرة على تحجيم نشاطات الشباب والحد من نطاق الحريات المتاحة بكافة السبل وتُرجم ذلك إلى أرض الواقع بوقائع إعتقال الصحفيين والروائيين بتهم مُلفقة وبدون أدلة حقيقية و سن القوانين المضيقة من نطاق ممارسة حرية الرأي والتعبير عنها بشكل سليم.
وقد بدأ فيسبوك خدمة الإنترنت المجانية بمصر في أكتوبر/تشرين الأول ٢٠١٥، بالتعاون مع شركة اتصالات للهاتف المحمول، لإتاحة الوصول للإنترنت عبر شبكة الهاتف المحمول دون تحمل رسوم، بهدف الدخول إلى الخدمات الأساسية على موقع “فيسبوك” وتصفح عدد آخر من المواقع، وقد وعلقت مصر الخدمة أواخر ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٥، وقالت آنذاك، إن شركة اتصالات مصر حصلت على تصريح مؤقت لتقديم الخدمة لمدة شهرين فقط، وتم حجَبَها فيما بعد أن رفضت الشركة الأمريكية تمكين الحكومة المصرية من التجسس على المستخدمين بحسب مصادر مطلعة.
وقد قامت السلطات المصرية بالقبض على العديد من النشطاء سواء الحقوقيون او السياسيون او حتى المواطنين العاديون الذين عبروا عن رأي معارض لسياسات السلطة الحالية عبر تدوينية او تغريدة من خلال مراقبة أنشطتهم ومدوناتهم، فلم يعد المواطن المصري يستطيع التعبير عن رأيه لا على أرض الواقع ولا عبر فضاء الانترنت، فمصيره السجن في بلاد انتهكت جميع حقوق الانسان، وذلك بالطبع بالاضافة الى قمع الحريات الذي تشهده مصر منذ الإطاحة بأول رئيس منتخب ديمقراطيًا، وبذلك تعد مصر من الدول التي تفتقر بشكل كلي لحرية الإنترنت.
وقد قالت الشركة المعنية أن أكثر من ثلاثة ملايين مصري استخدموا هذه الخدمة قبل تعليقها، بينهم مليون لم يسبق لهم الوصول للإنترنت، فيما لا يزال فيسبوك متاحاً في مصر عبر موقعه الأساسي على الإنترنت وتطبيقه الخاص بالهواتف المحمولة ومتاحة في 37 دولة، بها أعداد كبيرة من السكان من دون خدمة إنترنت يعتمد عليها، وتحتل مكاناً مركزياً في الاستراتيجية العالمية لشركة فيسبوك، ولا تبيع الشركة إعلانات على نسخة الخدمة المجانية لموقع وتطبيق فيسبوك، لكنها تهدف للوصول إلى مجموعة كبيرة من المستخدمين المحتملين الذين لم يكونوا قادرين على إنشاء حسابات على فيسبوك.
وتقول السلطات إنها بحاجة لمثل تلك البرامج من أجل “محاربة الإرهاب”، وقد استدرجت عطاءات من شركات أجنبية لتوريد برامج إلكترونية تساعدها في التجسس على ما يدور من أحاديث وحوارات ونقاشات بين رواد الشبكة العنكبوتية، وكان وزير الداخلية قد وعد مُسبقًا بألا تُستخدم برامج الحاسوب الجديدة في تقييد حرية التعبير، غير أن منظمات حقوق الإنسان تُبدي شكوكاً بشأن تلك الوعود مستدلة بسجل مصر القمعي في مجالي حرية التعبير وتشكيل الجمعيات والتنظيمات.
وقد أبدى النشطاء في المجاليين الحقوقي والسياسي تخوفهم من حيث الرقابة على الإنترنت بمصر، وأضافوا أنها ليست بالشيء الجديد، ذلك أن الداخلية والقوات المسلحة وأجهزة الأمن كلها ظلت تعزز من قدراتها على المراقبة في العقود الماضية، كما أن وزارة الداخلية تدعو شركات أجنبية عاملة بمجال برامج الحاسوب للإسهام في تطوير نظام تجسس على المصادر المفتوحة يُسمى “نظام مراقبة المخاطر على أمن شبكات التواصل الاجتماعي”، ويهدف النظام إلى مراقبة مواقع فيسبوك وتويتر وواتس آب وفايبر آنياً في وقت الاستخدام الحقيقي الذي قد “يُلحق الضرر بالأمن العام أو يحض على الإرهاب”، كما يهدف إلى غربلة المحتوى لرصد “مجموع المفردات المتناقضة مع القانون والأخلاق العامة” وهي مصطلحات فضفاضة تحتمل أكثر من معنى بحسب وصفهم.
وتستنكر مُنظمة “هيومن رايتس مونيتور” العصف بكافة الحقوق السياسية والمدنية المعززة لحرية الرأي والتعبير الذي يعرقل من مسيرة المجتمع الإصلاحية بالمخالفة لكافة القوانين المحلية والدولية المُتمثلة في المادة ١٩ من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية والتي تنص على “1. لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.2. لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.3. تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية: (أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم،(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة”.
وتشدد المُنظمة على أهمية أحترام الدولة لحرية الرأي والتعبير وحرية تداول المعلومات والافكار ونقلها، وتحث كافة منظمات الحقوقية المهتمة بالتصعيد بشؤن الحقوق والحريات على التصعيد الإعلامي والدولي لتسليط الضوء على إنتهاكات الخصوصية وتدمير منظومة الحقوق والحريات في مصر.
التعليقات