تقدمت هيومان رايتس مونيتور في 5 ديسمبر 2014 بشكوى عاجلة للمقرر الخاص بالقتل خارج نطاق القانون والمقرر الخاص بالتعذيب والفريق العامل المعني بالإعتقال التعسفي حول اعتقال وتعذيب وإحالة أوراق 185 شخصا للإعدام بتهم ملفقة أنكرها جميع المعتقلين.
قررت محكمة جنايات الجيزة المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة في طرة في 2 ديسمبر 2014 إحالة أوراق 185 من المتهمين في قضية كرداسة إلى المفتي في حكم يعد الثالث من نوعه فيما يتعلق بأحكام القتل الجماعي خلال هذا العام، وحددت المحكمة جلسة 24 يناير 2015 للنطق بالحكم.
كانت القضية قد أحيلت إلى محكمة الجنايات بعد أن وجهت النيابة العامة إلى المتهمين تهما بالإشتراك في الهجوم على مركز شرطة كرداسة في 14 أغسطس 2013 ,والذي تزامن مع أحداث مجزرتي فض رابعة العدوية والنهضة، وقتل مأمور القسم ونائبه و12 ضابطا وفرد شرطة وإتلاف مبنى القسم وسرقة معدات وأسلحة.
وتُنظر هذه القضايا في دائرة جديدة تم إنشاؤها عقب انقلاب3 يوليو 2013 للنظر في قضايا الإرهاب وقد أصدرت هذه المحكمة العديد من الأحكام الظالمة والتي تعد انتقاما جماعيا و حكما سياسيا من الدرجة الأولى ضد أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي – أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر- ومنها أحكام بالإعدام الجماعي والسجن المؤبد للعديد من المعتقلين السياسيين في مصر.
افتقرت هذه المحاكمة الى معايير المحاكمة العادلة حيث لم يتم التحقيق مع المتهمين بشكل منفرد ولم يتم ثبوت الأدلة ضدهم بشكل شخصي وقطعي وإنما تم إحالتهم جميعا بتهم واحدة أنكرها جميع المتهمين بحسب محامي المتهمين. بالإضافة إلى أن القانون لا يجيز إعدام شخصين قتلا شخصا واحدا ولا بد أن تتيقن المحكمة بدرجة يقين لا يشوبه أي شك عبرالأدلة النهائية و شهادة الشهود وتقرير الطب الشرعي من ثبوت أي تهم ضد المتمين قبل أصدار أي حكم.
جدير بالذكر أن هذا القرار قد صدر ضد 151 متهما حضوريا و34 آخرون غيابيا. ومن بين المتهمين 4 منسنين تجاوزت اعمارهم الستين عاما وأمرأة مع اثنين من أبنائها فيما يعد أول حكم عائلي بالإعدام في حق أسرة بأكلمها, بينما لم يشمل الحكم قاصر واثنين ممن توفيا –أحدهما توفي في السجن نتيجة الإهمال الطبي وآخر قتل برصاص الشرطة.
صدر في هذه القضية أول حكم حضوري بالإعدام في حق امرأة وهي سامية حبيبي محمد شنن البالغة من العمر 54 عاما والتي لم تكن متهمة بالقضية وتم القبض عليها من منزلها في 19 سبتمبر 2013 لإجبار إبنيها علي تسليم أنفسهما و علي الرغم من تمكن السلطات من القبض عليهما الا انه لم يتم الافراج عنها وتم إحالة أوراقها للمفتي.
اصحبت قوات الشرطة سامية شنن وابنها حسن شنن, 28 عاما, الى معسكر الأمن المركزي الذي تعرضت فيه لأبشع أنواع التعذيب النفسي والبدني حيث قام أحد الظباط بوضع حذائه في فمها وتعليقها على الحائط لساعات طويلة وصعقها بالكهرباء وضربها بالسياط حتى تورم ظهرها وامتلأ بالجروح ولم تعد تستطع الحركة لإجبارها على الإعتراف بجرائم لم تقترفها, ثم تم تعذيب ابنها حسن واغتصابه أمامها حتى يعترف على أمه بالقتل.
استمر تعذيب سامية في كل عرض على النيابة وتحت سمع وبصر وكيل النيابة وداخل مديرية أمن الجيزة على أيدي ظباط المديرية حتى أُجبرت على الإعتراف بتهم ملفقة تحت التعذيب إلا أنها أنكرت ذلك مؤكدةً أنها وقعت تحت ضغط وتعذيب شديدين أجبراها على الاعتراف بالتهم الملفقة لها.
إن ما يحدث هو ما إلا تجاهل تام لكل معايير المحاكمات العادلة و استمرار لتسييس القضاء و زعزعة الثقة بكل اجهزة الدولة التي لن يترتب عليها إلا تصاعد وتيرة العنف وانخفاض معدل الحريات بدرجة خطيرة.
وبالنظر الى الاحكام التي يصدرها القضاء المصري بدءا من 3 يوليو 2013 وحتى هذه اللحظة وتبرئة قتلة المتظاهرين السلميين خلال ثورة 25 يناير وإصدار أحكام بالإعدام والمؤبد لمعارضين سياسيين للسلطات الحالية وتلفيق التهم لهم والذي ثبت من خلال تسريبات للحكومة ظهرت مؤخرا, يدل وبشكل قاطع على انهيار منظومة العدالة في مصر وتسيس القضاء وعدم نزاهته أو حياده.
تعرب هيومان رايتس مونيتور عن قلقها البالغ ازاء الأحكام المتزايدة بالإعدام في مصر وخاصة وأن رأي المفتي يكون استشاريا وغير ملزما للمحكمة فقد يرفض المفتي تنفيذ الحكم وتمضي المحكمة في تأييده وتنفيذه بالرغم من ذلك. جدير بالذكر بأنه قد أحيلت أوراق 1472 إلى مفتي الديار المصرية وتم تثبيت الحكم في حق 287 منهم حتى الان.
تطالب هيومان رايتس مونيتور الضحايا وذويهم ممن تم قتلهم وممن صدرت ضدهم أحكام بتهم ملفقة باللجوء إلى المحاكم الدولية نظرا لعدم حياد واستقلال السلطات القضائية الحالية ولانتفاء صفة النزاهة عنها.
كما تدعو المنظمة الامم المتحدة والمجتمع الدولي لرفض كل تلك الاجراءات الباطلة والضغط على السلطات الحالية للالتزام بالقوانين الدولية إايقاف تنفيذ كل قرارات الإعدام وغيرها من الاحكام الباطلة التي صدرت منذ 3 يوليو 2013 وحتى الآن.
التعليقات