تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2015/16 حالة حقوق الإنسان في مصر

استمر وضع حقوق الإنسان في مصر فى التدهور. وفرضت السلطات بشكل تعسفي قيوداً على حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات وحرية التجمع السلمي، وسنَّت قانوناً قمعياً جديداً لمكافحة الإرهاب، وقبضت على عدد من منتقدي الحكومة وزعماء ونشطاء المعارضة السياسية وزجَّت بهم في السجون، كما تعرض بعضهم للاختفاء القسري. واستخدمت قوات الأمن القوة المفرطة ضد متظاهرين ولاجئين وطالبي لجوء ومهاجرين. وتعرض بعض المحتجزين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. وأصدرت المحاكم مئات من أحكام الإعدام والسجن لفترات طويلة إثر محاكمات جماعية فادحة الجور. وكان هناك افتقار فادح للمحاسبة، وكانت معظم انتهاكات حقوق الإنسان تُرتكب مع بقاء الجناة بمنأى عن العقاب والمساءلة. وكانت النساء، كما كان أبناء الأقليات الدينية، عُرضةً للتمييز ودون حماية كافية من العنف. وقُبض على بعض الأشخاص وحُوكموا بتهمة “الفجور” بسبب ميلهم الجنسي المفترض أو هويتهم النوعية. وأخلى الجيش قسراً تجمعات سكانية من ديارها على طول الحدود مع غزة. ونُفذت إعدامات في أعقاب محاكمات فادحة الجور.

خلفية

ظلت الأوضاع الأمنية متوترة، وبخاصة في منطقة سيناء. وقالت السلطات إن قوات الجيش وغيرها من قوات الأمن قتلت مئات “الإرهابيين”، ومعظمهم في شمال سيناء، حيث أعلنت الجماعة المسلحة التي تُطلق على نفسها اسم “ولاية سيناء”، وهي تتبع الجماعة المسلحة المعروفة باسم “تنظيم الدولة الإسلامية”، مسؤوليتها عن عدة هجمات كبرى.

وأغلقت مصر حدودها مع غرة، بدولة فلسطين، معظم فترات العام. ودمر الجيش المصري أنفاقاً للتهريب تحت خط الحدود، وأغرق المنطقة بالمياه، حسبما ورد.

وفي فبراير/شباط، نفَّذت مصر ضربات جوية في ليبيا أسفرت عن مقتل سبعة مدنيين على الأقل، وذلك بعد أن قامت جماعة مسلحة بذبح عدد من المسيحيين المصريين كانت قد اختطفتهم.1

وفي مارس/آذار، انضمت مصر إلى التحالف الدولي بقيادة السعودية، والضالع في النزاع المسلح في اليمن. وأعلن الرئيس السيسي أن الجامعة العربية كانت قد وافقت على تشكيل “قوة عسكرية عربية مشتركة” لمواجهة التهديدات الإقليمية.

وفي 13 سبتمبر/أيلول، هاجمت قوات الجيش والأمن في منطقة الصحراء الغربية 12 شخصاً، بينهم ثمانية سياح من المكسيك، وقتلتهم بعد أن ظنَّت خطاً أنهم أعضاء في جماعة مسلحة.

وفي 23 سبتمبر/أيلول، أصدر الرئيس السيسي عفواً عن 100 شخص، بينهم صحفيون وعشرات النشطاء الذين سُجنوا لمشاركتهم في مظاهرات. ولم يشمل العفو المسجونين من زعماء الحركات الشبابية المصرية أو زعماء جماعة “الإخوان المسلمين”.

وأُجريت انتخابات مجلس النواب (البرلمان) في الفترة ما بين أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول، وأشارت التقديرات الرسمية إلى أن نسبة المقترعين بلغت 28.3 بالمئة ممن لهم حق التصويت.

الأمن ومكافحة الإرهاب

في أغسطس/آب، أصدرت الحكومة القانون رقم 94 لسنة 2015، وهو قانون جديد لمكافحة الإرهاب، يعرِّف “العمل الإرهابي” بعبارات مبهمة وفضفاضة للغاية. ويمنح القانون الجديد رئيس الجمهورية صلاحيات “باتخاذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام”، وهي صلاحيات مماثلة لتلك الممنوحة بموجب قانون الطوارئ. كما ينص القانون على إنشاء محاكم خاصة، ويقضي بفرض غرامات باهظة على الصحفيين الذين ينشرون أو يذيعون أو يعرضون أخباراً عن أحداث “الإرهاب” بما يخالف البيانات الرسمية.2

الانتهاكات على أيدي الجماعات المسلحة

شنَّت الجماعات المسلحة هجمات استهدفت مدنيين بصورة متعمدة، ففي 29 يونيو/حزيران، لقي النائب العام مصرعه في تفجير في العاصمة القاهرة، ولم تتضح هوية المسؤولين عن هذا الحادث.

وأعلنت الجماعة المسلحة المعروفة باسم “ولاية سيناء” مسؤوليتها عن عدة هجمات، من بينها هجوم وقع يوم 29 يناير/كانون الثاني وأسفر عن مقتل 40 شخصاً، حسبما ورد، وكان بينهم مدنيون وجنود وضباط شرطة. وفي 1 يوليو/تموز، أسفر هجوم شنته جماعة “ولاية سيناء” على بلدة الشيخ زويد في شمال سيناء إلى مقتل 17 من أفراد الجيش وقوات الأمن. ووفقاً لما ذكرته وزارة الدفاع، فقد قُتل ما لا يقل عن 100 من أعضاء هذه الجماعة المسلحة خلال الهجوم. كما أعلنت جماعة “ولاية سيناء” مسؤوليتها عن تحطم طائرة مدنية روسية يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول، مما أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متن الطائرة، وعددهم 224 شخصاً، معظمهم من مواطني روسيا. وأعلن جهاز الأمن الاتحادي الروسي، يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني، أن قُنبلة قد وُضعت أسفل الطائرة.

حرية التعبير

قُدم عدد من الصحفيين العاملين في منافذ إعلامية تنتقد السلطات، أو لهم صلة بجماعات معارضة، إلى المحاكمة بتهمة نشر “أخبار وإشاعات كاذبة” أو غيرها من التهم الجنائية ذات الدوافع السياسية. وقضت المحاكم بمعاقبة بعضهم بالسجن لمدد طويلة، بينما حُكم على أحدهم بالإعدام. وظل بعض الأشخاص يتعرضون للمحاكمة بتهم جنائية مثل “ازدراء الأديان” أو “خدش الحياء العام” بسبب ممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، احتُجز محقق صحفي شهير لفترة وجيزة على أيدي المخابرات الحربية والنيابة العسكرية بسبب مقال كتبه عن الجيش.

وفي أغسطس/آب، أُحيل المصور الصحفي محمود أبو زيد، المعروف باسم شوكان، إلى المحاكمة مع 738 متهماً آخرين، بينهم عدد من قادة جماعة “الإخوان المسلمين” ومؤيديها. وقد قُبض على محمود أبو زيد بينما كان يغطي قيام قوات الأمن بتفريق اعتصام باستخدام العنف، يوم 14 أغسطس/آب 2013، وظل محتجزاً بدون تهمة لما يقرب من عامين إلى أن أحالت النيابة العامة قضيته إلى المحكمة. وكان من المقرر أن تبدأ المحاكمة في ديسمبر/كانون الأول، ولكنها أُجِّلت لأن قاعة المحكمة لم تتسع لمئات المتهمين.

وفي أول يناير/كانون الثاني، قضت محكمة النقض، وهي أعلى محكمة في مصر، بنقض أحكام الإدانة الصادرة ضد ثلاثة صحفيين محبوسين يعملون لصالح قناة “الجزيرة”، وهم بيتر غريستي ومحمد فهمي وباهر محمد، وأمرت بإعادة محاكمتهم. وقد رحَّلت السلطات بيتر غريستي يوم 1 فبراير/شباط، بينما أُفرج عن محمد فهمي وباهر محمد بكفالة يوم 12 فبراير/شباط، ولكن حُكم على أولهما بالسجن ثلاث سنوات وعلى الثاني بالسجن ثلاث سنوات ونصف السنة، يوم 29 أغسطس/آب، لإدانتهما بتهمة “إذاعة أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة” والعمل بدون ترخيص. وفي 23 سبتمبر/أيلول، أمر الرئيس السيسي بالعفو عنهما.

وفي 11 إبريل/نيسان، أصدرت محكمةٌ في القاهرة حكماً بالسجن لمدة 25 سنة على 14 صحفياً على صلة بالمعارضة، بعد إدانتهم بتهمة نشر “إشاعات كاذبة”، كما حكمت على صحفي آخر بالإعدام لما زُعم عن قيامه بإنشاء “لجنة إعلامية” و”قيادة وتمويل جماعة محظورة”. وقد حاكمت المحكمة بعض المتهمين غيابياً. وحُوكم المتهمون ضمن مجموعة تضم 51 شخصاً، بينهم عدد من قيادات جماعة “الإخوان المسلمين”. وقد تقدم المحكوم عليهم المسجونون بطعون في الأحكام أمام محكمة النقض، وفي ديسمبر/كانون الأول، أمرت المحكمة بنقض الأحكام الصادرة ضدهم وأمرت بإعادة محاكمتهم.

حرية تكوين الجمعيات

تعرضت بعض منظمات حقوق الإنسان لقيود تعسفية على أنشطتها وتمويلها بمقتضى “قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية” (القانون رقم 84 لسنة 2002). وقد قُبض على عدد من العاملين في بعض منظمات حقوق الإنسان وخضعوا للتحقيق أمام مسؤولين أمنيين، وكذلك أمام “لجنة خبراء” عينتها السلطات في إطار التحقيقات الجنائية الجارية بخصوص أنشطة جماعات حقوق الإنسان وتمويلها الأجنبي. ومنعت السلطات بعض نشطاء حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين من السفر خارج البلاد.3

وبحلول نهاية العام، ذكرت الحكومة أنها قد أغلقت ما يزيد عن 480 جمعية أهلية بسبب ما زُعم عن صلاتها مع جماعة “الإخوان المسلمين”.

وفي 21 أكتوبر/تشرين الأول، داهمت قوات الأمن مقر “مؤسسة مدى مصر للتنمية الإعلامية”، وهي مؤسسة صحفية غير حكومية مقرها القاهرة. واعتقلت قوات الأمن جميع الحاضرين واستجوبتهم لعدة ساعات، ثم أطلقت سراحهم جميعاً باستثناء مدير المؤسسة، الذي احتُجز بدون تهمة للاشتباه في “تلقي رشوة دولية – تلقي أموال من جهة أجنبية”، والانتماء إلى جماعة “الإخوان المسلمين”.

استخدام القوة المفرطة

فرضت السلطات قيوداً تعسفية على الحق في حرية التجمع السلمي، بموجب “قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية” (القانون رقم 107 لسنة 2013). وكانت المظاهرات أقل من مثيلتها في السنوات الأخيرة، ولكن قوات الأمن واصلت استخدام القوة المفرطة أو غير الضرورية لتفريق المظاهرات “غير المرخصة” وغيرها من التجمعات العامة، مما أسفر عن حدوث وفيات وإصابات جسيمة.

ففي 24 يناير/كانون الثاني، قُتلت متظاهرة تُدعى شيماء الصبَّاغ برصاص قوات الأمن، خلال مظاهرة في وسط القاهرة. وقد ثارت موجة من الغضب بعدما تم على نطاق واسع تداول صور ولقطات فيديو تُظهر واقعة موتها. وقد لقي ما لا يقل عن 27 شخصاً مصرعهم في أحداث عنف متصلة بالمظاهرات في مختلف أنحاء مصر، خلال الفترة من 23 إلى 27 يناير/كانون الثاني، وتُوفي معظمهم من جراء القوة المفرطة على أيدي قوات الأمن. كما قُتل اثنان من أفراد قوات الأمن.

وتُوفي ما لا يقل عن 22 شخصاً من مشجعي فريق نادي الزمالك لكرة القدم أثناء تدافع المشجعين داخل أحد الملاعب الرياضية في القاهرة الجديدة يوم 8 فبراير/شباط، وذلك بعدما أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع بشكل متهور لتفريقهم.

عمليات القبض والاحتجاز بصورة تعسفية

قبضت قوات الأمن على 11877 من أعضاء “الجماعات الإرهابية” خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى نهاية سبتمبر/أيلول، وذلك وفقاً لما ذكره مساعد وزير الداخلية للأمن العام. ويُعتقد أن الحملة شملت أعضاء في جماعة “الإخوان المسلمين” وأشخاصاً اعتُبروا من مؤيديها وغيرهم من منتقدي الحكومة. وقد سبق للسلطات أن ذكرت أنها قبضت على ما لا يقل عن 22 ألف شخص في عام 2014 للأسباب نفسها.

وفي بعض الحالات، كان المقبوض عليهم في قضايا سياسية يُحتجزون لفترات طويلة بدون تهمة أو محاكمة. وبحلول نهاية العام، كان ما لا يقل عن 700 شخص لا يزالون محتجزين رهن الحبس الاحتياطي لأكثر من عامين دون أن يصدر عليهم حكمٌ من محكمة، وذلك بالمخالفة لأحكام القانون المصري التي تقضي بأنه لا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي عن سنتين.

وظل الطالب محمود محمد أحمد حسين محبوساً بدون تهمة أو محاكمة، لما يزيد عن 700 يوم منذ القبض عليه في يناير/كانون الثاني 2014 لأنه كان يرتدي قميصاً كُتب عليه شعار “وطن بلا تعذيب”.

الإخفاء القسري

ذكرت جماعات معنية بحقوق الإنسان أنها تلقت عشرات الشكاوى عن حالات أشخاص قبضت عليهم قوات الأمن، ثم احتُجزوا بمعزل عن العالم الخارجي، في ظروف كانت في بعض الحالات بمثابة إخفاء قسري.

فقد قبضت قوات الأمن على الطلاب إسراء الطويل وصُهيب سعد وعمر محمد علي في القاهرة، يوم 1 يونيو/حزيران، ثم تعرضوا للإخفاء القسري لمدة 15 يوماً. وقال صُهيب سعد إنه تعرض هو وزميله عمر محمد علي للتعذيب خلال هذه الفترة. وقد واجه الاثنان محاكمةً جائرةً أمام محكمة عسكرية. أما إسراء الطويل، التي تعاني من إعاقة نتيجة إصابتها بطلق ناري خلال مظاهرة في عام 2014، فقد أُطلق سراحها في ديسمبر/كانون الأول، ولكنها ظلت قيد الإقامة الجبرية في منزلها.

التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة

تعرض بعض المحتجزين لدى قوات أمن الدولة والمخابرات الحربية للتعذيب، بما في ذلك الضرب والتعرض لصدمات كهربية والبقاء في أوضاع مؤلمة. وكثيراً ما كانت قوات الأمن تعتدي على المحتجزين بالضرب وقت القبض عليهم وعند نقلهم من أقسام الشرطة إلى السجون. وعلى مدار العام، وردت أنباء عن وقوع وفيات أثناء الاحتجاز نتيجة للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة وعدم توفر سبل الحصول على الرعاية الطبية الكافية.4

وظلت ظروف الاحتجاز في السجون وأقسام الشرطة بالغة السوء. وكانت الزنازين شديدة الاكتظاظ وغير صحية. وفي بعض الحالات منع المسؤولون الأهالي والمحامين من تقديم الأغذية والأدوية وغيرها إلى ذويهم المسجونين.

المحاكمات الجائرة

ما برح نظام القضاء الجنائي يعمل كأداة لقمع الدولة، حيث أدانت المحاكم مئات الأشخاص بتهم من قبيل “الإرهاب” و”المشاركة في مظاهرة بدون ترخيص”، والمشاركة في أحداث العنف السياسي، والانتماء إلى جماعات محظورة، وذلك إثر محاكمات جنائية فادحة الجور، لم تقدم فيها النيابة ما يثبت المسؤولية الجنائية الفردية لكل من المتهمين.5

وكان ما لا يقل عن ثلاثة آلاف من المدنيين يُحاكمون محاكمات جائرة أمام محاكم عسكرية بتهم “الإرهاب” وتهم أخرى تتصل بما زُعم من أحداث عنف سياسي. وحُوكم كثيرون، وبينهم عدد من قادة جماعة “الإخوان المسلمين”، في محاكمات جماعية. وتُعد المحاكمات العسكرية للمدنيين جائرة من أساسها.

وكان الرئيس الأسبق محمد مرسي يواجه خمس محاكمات منفصلة، مع مئات من المتهمين الآخرين، وبينهم عدد من قادة جماعة “الإخوان المسلمين”. ففي 21 إبريل/نيسان، أصدرت إحدى المحاكم حكماً ضده بالسجن 20 سنة بتهمة الضلوع في اشتباكات مسلحة خارج القصر الرئاسي في القاهرة، في ديسمبر/كانون الأول 2012. كما صدر ضده حكمٌ بالإعدام، في 16 يونيو/حزيران، لما زُعم عن مسؤوليته في تدبير عملية هروب من السجن خلال انتفاضة عام 2011، وحكمٌ آخر بالسجن 25 سنة بتهمة التجسس. وكانت المحاكمات جائرة من أساسها، حيث استندت إلى أدلة جُمعت أثناء تعرض محمد مرسي للاختفاء القسري على أيدي الجيش، خلال الشهور التي أعقبت عزله من السلطة في عام 2013. وبحلول نهاية العام، كانت أحكام في محاكمات أخرى للرئيس الأسبق لا تزال في انتظار البت.

الإفلات من العقاب

تقاعست السلطات عن إجراء تحقيقات فعَّالة ومستقلة ونزيهة بخصوص معظم حالات انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الاستخدام المتكرر للقوة المفرطة من جانب قوات الأمن، مما أسفر عن وفاة مئات المتظاهرين منذ يوليو/تموز 2013. وبدلاً من ذلك، ركَّزت تحقيقات النيابة العامة بخصوص المظاهرات وأحداث العنف السياسي على ما زُعم من انتهاكات من جانب منتقدي السلطات ومعارضيها.

وقضت المحاكم بمسؤولية عدد قليل من أفراد قوات الأمن عن أعمال قتل بشكل غير قانوني، في قضايا تتصل بأحداثٍ عدَّة كانت موضع تنديد واسع النطاق على المستويين المحلي والدولي.

ففي 11 يونيو/حزيران، أصدرت محكمةٌ حكماً بالسجن لمدة 15 سنة على أحد أفراد قوات الأمن، لإدانته بإصابة المتظاهرة شيماء الصباغ مما أودى بحياتها. إلا إن السلطات حاكمت أيضاً في قضية منفصلة 17 من الشهود على مقتل شيماء الصباغ، ومن بينهم المدافعة عن حقوق الإنسان عزة سليمان، بتهم “المشاركة في مظاهرة بدون ترخيص” و”الإخلال بالنظام العام”. وصدر حكمٌ من أحد المحاكم ببراءة الشهود السبعة عشر، يوم 23 مايو/أيار، كما صدر حكمٌ آخر ببراءتهم، في 24 أكتوبر/تشرين الأول، عند نظر استئناف تقدمت به النيابة العامة.

وفي ديسمبر/كانون الأول، صدر حكم بالسجن خمس سنوات على اثنين من أفراد قوات الأمن، لإدانتهما بتهمة تعذيب محامٍ حتى الموت في قسم شرطة المطرية بالقاهرة، في فبراير/شباط.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني، أُعيدت محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك وعدد من كبار المسؤولين الأمنيين في عهده أمام محكمة النقض، بتهمة التسبب في قتل متظاهرين خلال “ثورة 25 يناير” عام 2011. وكانت المحاكمة لا تزال مستمرةً بحلول نهاية العام.

حقوق المرأة

ظلت النساء والفتيات عرضةً للتمييز في القانون والواقع الفعلي، كما كُن يفتقرن إلى الحماية الكافية من العنف الجنسي وغيره من صور العنف بسبب النوع. وبالرغم من الإعلان عن إستراتيجية وطنية لمكافحة العنف والتمييز ضد النساء والفتيات، فقد تقاعست السلطات إلى حد كبير عن تنفيذ إجراءات جوهرية، بما في ذلك تعديل أو إلغاء “قانون الأحوال الشخصية” الذي ينطوي على التمييز، حيث يمنع المرأة من الحصول على الطلاق من زوجها الذي يسيء إليها إلا إذا تنازلت عن حقوقها المالية.6

التمييز – الأقليات الدينية

ما زال أبناء الأقليات الدينية، بما في ذلك المسيحيون والشيعة والبهائيون، يواجهون قيوداً تعسفية. ووقعت حوادث جديدة من العنف الطائفي ضد تجمعات مسيحية، كما واجهت هذه التجمعات عراقيل في إعادة بناء الكنائس وغيرها من الممتلكات التي دُمرت خلال اعتداءات طائفية في عام 2013.

وقررت وزارة الأوقاف إغلاق مسجد الإمام الحسين في القاهرة في الفترة من 22 إلى 24 أكتوبر/تشرين الأول، لمنع الشيعة من إحياء ذكرى “يوم عاشوراء”. وقالت الوزارة إن قرار الإغلاق جاء “منعاً للأباطيل الشيعية”.

حقوق المثليين والمثليات وذوي الميول الجنسية الثنائية والمتحولين جنسياً ومزدوجي النوع

استمر القبض على أشخاص واحتجازهم ومحاكمتهم بتهمة “الفجور، بموجب القانون رقم 10 لسنة 1961، استناداً إلى ميولهم الجنسية أو هويتهم النوعية الحقيقية أو المفترضة.

وفي 12 يناير/كانون الثاني، قضت محكمةٌ ببراءة 26 رجلاً من تهمة “الفجور”، بعدما قُبض عليهم في أحد الحمامات الشعبية بالقاهرة، في ديسمبر/كانون الأول 2014.

حقوق اللاجئين والمهاجرين

واصلت قوات الأمن استخدام القوة المفرطة والقوة المميتة دونما ضرورة ضد اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين الذين يسعون إلى دخول مصر أو مغادرتها بشكل غير قانوني.7 وقد قُتل ما لا يقل عن 20 مواطناً سودانياً بالإضافة إلى مواطن سوري وهم يحاولون الخروج من مصر بشكل غير قانوني.

حقوق السكن – الإخلاء القسري

واصلت القوات المسلحة عمليات الإخلاء القسري للتجمعات التي تعيش على طول الحدود المصرية مع قطاع غزة، حيث تسعى السلطات إلى إقامة “منطقة أمنية عازلة”.

وما زالت الحكومة تناقش خططاً لتنمية مدينة القاهرة لا تشمل ضمانات كافية للحيلولة دون عمليات الإخلاء القسري.

عقوبة الإعدام

أصدرت المحاكم مئات من أحكام الإعدام على متهمين أُدينوا بتهمة “الإرهاب” وغيرها من التهم المتصلة بالعنف السياسي الذي أعقب عزل محمد مرسي، في يوليو/تموز 2013، وكذلك بتهمة القتل العمد وارتكاب جرائم أخرى. وكان من بين الذين أُعدموا سجناء صدر ضدهم الحكم بعد محاكمات جائرة أمام محاكم جنائية وعسكرية.8

وأُعدم ما لا يقل عن سبعة أشخاص فيما يتصل بأحداث العنف السياسي، وأُعدم أحدهم في مارس/آذار بعد محاكمة جائرة. كما أُعدم ستة أشخاص في 17 مايو/أيار، وكان الحكم قد صدر عليهم إثر محاكمة فادحة الجور أمام محكمة عسكرية، بالرغم من وجود أدلة على أن مسؤولين أمنيين قد عذبوا هؤلاء الستة لإجبارهم على “الاعتراف” بارتكاب جرائم يُعاقب عليها بالإعدام، كما زوروا تواريخ القبض عليهم في مستندات رسمية.

التعليقات