السلطات المصرية تعاقب المعتقلين بالإهمال الطبي

تمعن السلطات المصرية في قمع المعارضين السياسيين للسلطة حتى داخل سجونها، وذلك بمنع الرعاية الصحية عنهم، ومنع دخول الأدوية أو نقلهم إلى مستشفيات خارجية، لتخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الناص على ضرورة توفير الرعاية الصحية للسجناء.

إذ ينص العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أن السجناء لهم حق في أعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة البدنية والعقلية، وتنظيم القواعد الدنيا النموذجية لمعاملة السجناء وتوفير الرعاية الصحية لهم، وهذا ما خالفته السلطات المصرية، حيث تمكنت منظمة هيومان رايتس مونيتور من توثيق بعض حالات الانتهاك الصحي داخل السجون المصرية.

حيث يعاني المعتقل “محمد محمد الفلاحجي – 59 عامًا” الذي يعمل كمدير عام للتربية والتعليم في دمياط، من تليف في الكبد وتضخم في الطحال، كما يعاني من وجود تجمعات مائية في معدته، فيما ترفض إدارة سجن جمصة دخول أي أدوية له منذ بداية الشهر الجاري، من جانبها تؤكد أسرته تدهور حالته الصحية، إذ أنه معتقل منذ 26 أغسطس\أب الماضي في قضايا سياسية، وتسوء حالته مع استمرار حبسه ومنع الرعاية الطبية عنه. هذا وتتعنت نيابة الإسكندرية في إخلاء سبيل الطالب بالمرحلة الثانوية “نادر محمد جابر محمد – 19 عامًا”، المعتقل في أحداث كوم الدلكة، بالرغم من معاناته من انزلاق غضروفي في العظمة القطنية والوسطى، كما يعاني التبول اللا إرادي، وكان الطالب قد تم اعتقاله من منزله بواسطة قوات الشرطة المصرية والجيش في 30 ديسمبر\كانون الأول من العام 2013، ليتعرض للتعذيب في قسم شرطة الرمل طيل 4 أيام اعتقال بالقسم، وذلك للاعتراف بتهم ملفقة تتعلق بقضايا سياسية، وتخالف بذلك السلطات المصرية نص المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إذ لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة.

وعلى وجه الخصوص اشتكت كذلك أسرة المعتقل “عصام محمد محمود عقل – 33 عام”، والذي يعمل كفني هيدروليك ونيوماتيك في محل إقامته بالإسكندرية، من تعنت إدارة مديرية أمن الإسكندرية في إدخال الأدوية له، إذ أنه مريض بفيروس سي، كان قد تم اعتقاله من منزل والده في البحيرة من قبل قوات الشرطة المصرية في 12 فبراير\شباط الماضي، كما قامت السلطات المصرية بالضغط عليه لانتزاع اعترافات بتهم لم تثبت عليه، حيث تم إخضاعه للتعذيب المستمر لمدة 11 يومًا بمديرية أمن الإسكندرية لتصويره في فيديو يعترف خلاله بالتهم الملفقة.

كما تمنع إدارة قسم شرطة دمياط دخول الأدوية لمريض فيروس سي “أحمد الصباحي إبراهيم – 45 سنة”، ما يدعو المنظمة للقلق على حياته، خاصةً مع استمرار حبسه في قضايا ملفقة منذ اعتقاله في مطلع يناير\كانو الثاني الماضي، وفي السياق ذاته منعت إدارة القسم دخول كافة الأدوية الطيبة عن المعتقل “محمد الصباح – 47 عام”، المصاب بضيقٍ في الأعصاب.

ومن جانبها تندد منظمة هيومان رايتس مونيتور بالانتهاكات الصحية بحق المعتقلين، وعدم توفير الرعاية الطبية الكاملة لهم، كما تندد بالتعنت في منع دخول الأدوية لهم واستكمال التصريحات الخاصة بذلك، وتعبر المنظمة عن قلقها الشديد حيال صحة المعتقلين بالسجون المصرية وتحمل السلطات المصرية مسؤولية حياتهم، مع زيادة أعداد المتوفين داخل السجون إثر الإهمال الطبي، فيما تحمل المنظمة السلطة في مصر المسؤولية الكاملة عن سلامة كافة المعتقلين.

هذا وتطالب المنظمة بضرورة توفير أماكن صحية وآمنة للمعتقلين، وكذلك توفير خدمات الرعاية الطبية والأدوية الكافية للمرضى، وتمكينهم من الحصول على أعلى مستوى ممكن من الرعاية الصحية، وضمان توفير أفضل الظروف الممكنة لتحقيق ذلك.

كما تطالب السلطات المصرية بالالتزام بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، حيث ينبغي عليها معاملة السجناء المحرومين من حريتهم بإنسانية واحترام الكرامة الكامنة للشخصية الإنسانية، والالتزام بالقوانين والمعاهدات الإقليمية والدولية الموقعة عليها في هذا الشأن.

التعليقات