التعذيب المنهجي التي تمارسة الأنظمة أوقع أفدح الخسائر في المجتمعات العربية

التعذيب المنهجي التي تمارسة الأنظمة أوقع أفدح الخسائر في المجتمعات العربية
التعذيب الذي تمارسه الانظمة اليوم في بعض الدول العربية غير مسبوق
آن الأوان لإخضاع الأنظمة التي تمارس التعذيب لآليات فعالة ورادعه
يحيي العالم اليوم العالمي لمنهاضة التعذيب الذي يصادف اليوم السادس والعشرين من حزيران وهو اليوم الذي شهد ميلاد اتفاقية مناهظة التعذيب ومختلف ضروب المعاملة القاسية والإنسانية والمهينة بتاريخ 26/06/1987م وقد صادق على هذه الإتفاقية أكثر من 147 دولة.
وعلى الرغم من مصادقة دول عديده على هذه الإتفاقية إلا أن الغالبية العظمى تمارس التعذيب ضد شعوبها أو ضد شعوب أخرى حتى تلك الدول التي تعتبر نفسها واحة احترام مواثيق ومباديء حقوق الإنسان.
وقد فشلت اللجنة الأممية المعنية بمناهضة التعذيب وضروب المعاملة القاسية من الحد من وباء التعذيب الذي ينتشر في كثير من الدول وينهش أجساد الأبرياء على مختلف أجناسهم وأعمارهم نساءً ورجالا أطفال وبالغين.
الإنسان العربي تكالب عليه المعذبون من كل حدب وصوب فإضافة إلى الأنظمة الأمنية التي تعتقل وتعذب دون حسيب ورقيب ،الولايات المتحدة الامريكية  خلال غزوها للعراق وما تسميه الحرب على الأرهاب سقط آلاف الضحايا فريسة للتعذيب المنهجي الذي اعتمد من أعلى مستوى في الهرم السياسي للدول التي شاركت في الغزو وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة وبريطانيا.
المشاهد التي خرجت من سجن أبو غريب صدمت العالم لكن هذه الصدمة والإستنكار الواسعين لم تقد إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم وبقيت الدعاوى التي رفعت في الولايات المتحدة وبريطانيا حبيسة الإجراءات وتم التعامل معها على أنها شأن مدني ممكن ان تستوجب التعويض مما اضطر عدد من المحامين في بريطانيا إلى اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية حيث قبلت المحكمة الدعوى بسبب عجز القضاء والحكومة البريطانية عن التحقيق في هذه الدعاوى على الرغم من تراكم الأدلة.
ورث النظام الطائفي الذي انشأته قوات التحالف في العراق منظومة التعذيب حيث بدأ التعذيب يتخذ بعدا طائفيا فعانا المكون السني من اعتقالات عشوائية وتعذيب وحشيي في سجون سرية وعلنية ،وبناء على اعترافات انتزعت تحت التعذيب صدرت أحكام إعدام بحق المئات كما توفي المئات تحت التعذيب، ورغم التقارير الدولية التي تحدثت عن استشراء التعذيب الوحشي والتحذيرات من أن هذا المنهج سيقود إلى إنفجار إلا أن المجتمع الدولي فشل في إلزام الحكومة العراقية بوقف التعذيب المنهجي واستمر في دعم الحكومات العراقية المتعاقبة على وجه الخصوص حكومة المالكي، فكانت الصورة التضحية بمنظومة حقوق الإنسان مقابل النفط.
التعذيب المنهجي في العراق وما نتج عنه من كوارث كان أحد أسباب ثورة المكون السني بشكل أساسي فبدأت الثورة باحتجاجات سلمية واعتصامات مطالبة بإنهاء التعذيب واطلاق الأبرياء من السجون الطائفية إلى أن حكومة المالكي لم تستجب واستمرت في نهجها مما أدى إلى إنفجار شامل أدى الى تحول الثورة إلى ثورة مسلحة تدور رحاها حتى هذه اللحظه في مدن العراق.
 كذلك في العديد من الدول العربية كان التعذيب المنهجي سببا رئيسيا في اندلاع ما يسمى بالربيع العربي الذي بدأ في تونس وامتد الى مصر وليبيا وسوريا أحدثت هذه الثورات عقب فترة وجيزة من تحقيق بعض مطالبها برحيل رؤوس الأنظمة تحسن طفيف في ملف التعذيب وسرعان ما عادت الأمور إلى سابق عهدها في ليبيا ومصر والدولة الوحيدة التي نجت وحققت انجازات كبيرة في هذا المجال هي تونس.
وفي سوريا التي تعتبر الأخطر في التصنيفات العالمية في الوطن العربي من حيث ممارسة التعذيب حيث يمارس الجنود وعناصر الأمن هواية التعذيب منذ زمن بعيد واشتدت عمليات التعذيب عقب الثورة السورية حيث راح ضحية التعذيب مئات الآلاف بين قتلى وإعاقات مستديمة ولا زال عشرات الآلاف يعانون في سجون النظام والضحايا يتزايدون.
في مصر عقب الثالث من تموز 2013 حدثت ردة على مباديء ثورة 25 يناير2011 حيث شنت السلطات الجديدة حملات اعتقال كبيرة في صفوف المعارضين للأنقلاب وبدأ التعذيب المنهجي يتصدر المشهد لكسر إرادة المعارضين مما تتسب في وفاة أكثر من 60 معتقلا نتيجة التعذيب والمعاملة القاسية والإهمال الطبي وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الدولة المصرية فالعنف الذي تمارسه إدارة السجون وسلطات الأمن بحق المعارضين غير مسبوق في أي عهد.
إنهيار منظومة القيم والأخلاق لدى العديد من القوى المدنية والمؤسسات الإعلامية التي تحرض على العنف ضد المعارضين وصمت منظمات حقوق الإنسان وتآمرها بإنكارها انتشار  التعذيب أدى إلى استشراء التعذيب في كل مكان في الشوارع حيث يسحل ويضرب النساء والرجال والأطفال وفي أقسام البوليس ومراكز الأمن ومعسكرات الجيش والسجون السرية والعلنية تستخدم وسائل موحدة أهمها الصعق بالكهرباء والتعليق لانتزاع اعترافات تؤدي في كثير من الأحيان إلى مقاصل الإعدام و في المحاكم يشاهد الضحايا في الأقفاص يعاملون معاملة مهينة ويشتكون من التعذيب لكن دون مجيب،وتلتقط كاميرات الإعلام مشاهد لهؤلاء الضحايا أطفال ونساء مع أحراز مفترضه لتبث خبرا عاجلا”القبض على خلية إرهابية” .
في فلسطين المحتلة يعاني الفلسطينيون من التعذيب الذي تمارسة قوات الإحتلال بشكل يومي في كل المدن الفلسطينية والسجون دون أي رادع فعمليات التعذيب التي تمارسها أجهزة الأمن الإسرائيلية بحق الأسرى أطفالا ورجالا ونساء لا زالت مستمرة كما هي منذ عام 1967،ولا يقتصر التعذيب والمعاملة المهينة على السجون فخلال أنشطة قوات الإحتلال في المدن الفلسطينة ومداهمة المنازل تعتدي بالضرب على المواطنين  وليس أدل على ذلك المشاهد التي صورت لجنود وهم يعذبون أطفالا بشكل سادي في الشوارع.
إضافة للتعذيب الذي تمارسه أجهزة الأمن الإسرائيلية تتناوب ستة أجهزة أمنية تابعة للسلطة الفلسطينية على اعتقال وتعذيب النشطاء السياسيين بشكل أساسي ضد الإحتلال فطوال سنوات وبعد المصالحة وفي ظل الحملة الأمنية الإسرائيلية لا زالت أجهزة أمن السلطة تعتقل وتستدعي وتعذب وتعتدي بالشتم والسب على المعتقلين على خلفية أنشطة مناهضة للإحتلال كتلك الخاصة بالتضامن مع الأسرى المضربين عن الطعام .
إن الدول التي لم نأت على ذكرها لايعني أنها لا تمارس التعذيب فمعظم الدول ومنها الخليجية لا تسمح مطلقا بمعارضة فعالة لأنظمتها وكل من يتجرأ ويقدم ولو بكلمة واحدة على معارضة هذه الأنظمة يسام سوء العذاب.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان تدعو القوى المدنية والسياسية إلى التوحد من أجل مواجهة وباء التعذيب الذي يستشري في كثير من الدول العربية عبر البرامج التثقيفية والتعبوية لبيان خطورة التعذيب على المجتمع  واستخدام كافة الوسائل السلمية  والقانونية لمواجهة التعذيب المنهجي والمنظم الذي تمارسه الدولة.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تدعو الأمم المتحدة إلى تفعيل دور مجلس حقوق الإنسان واللجنة المعنية بمناهضة التعذيب لممارسة دور أكبر وعملي لمواجهة الأنظمة التي تمارس التعذيب كما يتوجب فرض عقوبات  قاسية على الأنظمة التي تمارس التعذيب من أجل إخضاعها لمباديء العدل والقانون.
المصدر: المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا
نشر بتاريخ 26 حزيران/يونيو 2014

التعليقات