المتهمون تعرضوا للتعذيب والإختفاء القسري، إذاعة اعترافات عبر وسائل الإعلام إدانه مسبقة و يعد انتهاك جسيم لمعايير المحاكمات العادلة، على أمين عام الأمم المتحدة تشكيل لحنة للتحقيق في اغتيال النائب العام لإجلاء الحقيقة كاملة
قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أن السلطات المصرية ماضية في انتهاك حقوق الإنسان الأساسية تحت مبرر مكافحة الإرهاب وهي المظلة التي ما فتئت السلطات المصرية استخدامها لقمع المعارضين وشيطنة أطراف أخرى عبر الحدود.
وأكدت المنظمة أن النظام المصري لم يعد يكلف نفسه عناء صياغة روايات منطقية تبرر قمع معارضيه والزج بهم في السجون تمهيدا لإصدار أحكام قاسية بحقهم تصل إلى الإعدام أوالسجن المؤبد، حيث تم توجيه اتهاما باغتيال النائب العام إلى مجموعة من المعارضين، رغم توجيه ذات التهمة إلى متهمين آخرين في وقت سابق.
وكان وزير الداخلية المصري قد أعلن في مؤتمر صحفي عقده صباح الأحد 6 مارس/آذار الجاري بمقر الأمن الوطني بمدينة نصر بالقاهرة عن تمكن الأجهزة الأمنية بالوزارة من إلقاء القبض على المتورطين في حادث مقتل النائب العام المصري المستشار هشام بركات في يونيو/حزيران 2015، حيث عرض مقطع مصور لبعض المتهمين زعم أنهم أدلوا بها بعد إلقاء القبض عليهم مباشرة.
وعرض المقطع المصور اعترافات لكل من محمود الأحمدي عبد الرحمن علي (مواليد 15 يوليو/تموز 1994)، أبو القاسم علي يوسف منصور (مواليد 18 مايو/أيار 1992)، أحمد جمال أحمد محمود حجازي (مواليد 3 أكتوبر/تشرين الأول 1993)، محمد أحمد سيد إبراهيم (مواليد 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1989) وتحدث أحد المتهمين عن شخص آخر يدعى إبراهيم الشلقامي دون أن تفصح الداخلية عن مصيره.
وأكد الوزير في المؤتمر الصحفي أنه لا توجد في مصر حالة واحدة للإختفاء القسري، موضحاً أن جميع من في السجون المصرية، إما محبوسين بقرارات صادرة من النيابة العامة بالحبس الاحتياطي أو لتنفيذ أحكام قضائية.
مشاهد اعتراف المتهمين بدا واضحا فيها أنهم يدلون باعترافات مملاة، دون أن يقدم الوزير دليلا ماديا واحدا كما هو الحال في كافة الإتهامات التي توجه للمعارضين والتي تخلو من أي دليل سوى الإعترافات تحت وطأة التعذيب أو بالبناء على تحريات سرية من جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية.
وكانت وزارة الداخلية قد وجهت تهمة اغتيال النائب العام السابق هشام بركات رسميا قبل ذلك وفق بيانات رسمية إلى آخرين في ثلاث وقائع مختلفة، حيث أعلنت في بيان رسمي بتاريخ 2 يوليو/تموز 2015 عن قيامها بتصفية 9 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين بإحدى الشقق السكنية بمدينة السادس من أكتوبر بالجيزة أثناء محاولة إلقاء القبض عليهم على خلفية اتهامهم باغتيال النائب العام، وأعلنت في ذات التاريخ عن تورط أحد ضباط الجيش السابقين ويدعى هشام علي عشماوي إبراهيم في تلك الحادثة.
وبتاريخ 30 أكتوبر/تشرين الأول 2015 صرح اللواء كمال الدالي، مساعد أول وزير الداخلية لقطاع الأمن العام آنذاك في مؤتمر صحفي، عن أن الأجهزة الأمنية لم تتمكن من تحديد هوية منفذي عملية مقتل النائب العام بعد، ثم أعلنت وزارة الداخلية مجددا في الثالث من فبراير/شباط الماضي عن تمكنها من تصفية المتورطين في مقتل النائب العام هشام بركات، وهما محمد عباس حسين جاد (32 عاماً) ومحمد أحمد عبد العزيز عبد الكريم (24 عاماً)، وذلك بعد اشتباك مسلح دار بينهم وبين القوات الأمنية في إحدى الشقق السكنية بالمعادي، قبل أن تعيد نسبة ذات التهمة خلال المؤتمر المذكور لمتهمين جدد.
وكانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا قد تلقت شكاوى من أسر بعض المتهمين في تلك القضية نهاية شهر فبراير/ شباط 2016 تفيد بتعريضهم للإختفاء القسري، حيث ألقي القبض على أحمد جمال أحمد حجازي بتاريخ 22 فبراير/شباط 2016 بالقرب من محل دراسته بمعهد التحاليل الطبية -كلية العلوم -جامعة الأزهر بالقاهرة، بينما ألقي القبض على محمود الأحمدي عبد الرحمن علي بتاريخ 29 فبراير/شباط 2016 بالقرب من محل إقامته بمدينة نصر، وتم اعتقال على أبو القاسم علي يوسف منصور من داخل وسيلة مواصلات بمدينة نصر بذات التاريخ.
بالإضافة إلى تعريض الطالب إبراهيم أحمد إبراهيم شلقامي-مواليد 13 سبتمبر 1993 للإختفاء القسري منذ 22 فبراير/شباط الماضي وحتى الآن، حيث تم ذكر اسمه في الإعترافات المسجلة إلا أنه لم يظهر في المقطع المصور المذكور ولم يجلى مصيره حتى الآن.
قامت أسر الطلاب المذكورين بإرسال العديد من الشكاوى والتلغرافات إلى النائب العام ووزارة الداخلية بعد اعتقالهم مباشرة، كما قامت المنظمة بمخاطبة وزارة الداخلية ورئاسة الجمهورية ورئيس الحكومة والمجلس القومي لحقوق الإنسان عبر البريد الإلكتروني الرسمي إلا أن أي من هذه الجهات لم يبد ردا، وأضافت الأسر أنهم لم يتمكنوا من مقابلة المعتقلين حتى بعد ظهورهم في بيان وزارة الداخلية، حيث لازال مقر احتجازهم مجهولا مع استمرار رفض الأمن المصري الإدلاء بأي معلومات حوله وامتناع النيابة العامة عن إعطاء المحامين أي معلومةعن موقفهم القانوني أو تمكينهم من مقابلتهم بحسب القانون.
منذ الثالث من يوليو/ تموز 2013 تفشى في مصر وباء التعذيب وتعريض الأشخاص للإختفاء القسري بغرض الضغط عليهم للإعتراف باتهامات ملفقة، ولم تفتح النيابة العامة المصرية أية تحقيقات في مئات البلاغات التي تقدم بها ذوو الضحايا لإجلاء مصير ذويهم والتحقيق فيما تعرضوا له من انتهاكات، ولا يمكن أن ينفي هذا الوقع المشين تصريحات وزير الداخلية المصري المسؤول أصلا عن ارتكاب تلك الجرائم.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تؤكد على أن نشر مقاطع مصورة لمتهمين أثناء اعترافهم بارتكاب جرائم خطرة هو انتهاك جسيم وانتهاكاً لحقوق المتهمين القانونية، فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته، كما أن إدانتهم بهذه الصورة يعد استباقاً للتحقيقات، لا سيما وأن المتهمين لم يكن قد تم عرضهم على النيابة، ولا يجب أن يعتد بهذه الاعترافات من قبل الجهات المعنية، ففضلاً عن كونها كانت تحت تهديد وفقاً لما هو واضح بالفيديو، فإنه لا يجوز الأخذ بأية تحقيقات لم تجر أمام النيابة العامة وفقاً للقانون المصري والدولي.
وتؤكد المنظمة أن السلطة القضائية المصرية متمثلة في النيابة العامة والقضاة يشاركان بشكل أساسي في إهدار حق هؤلاء المتهمين في محاكمة عادلة، فبدلاً من إصدار قرارات ببطلان تلك الدعاوى نظراً لتعرض المتهمين للتعذيب وتصوير اعترافاتهم ونشرها عبر وسائل الاعلام، أو إجراء تحقيقات جادة في تلك الانتهاكات، يتم إصدار قرارات باستمرار حبسهم، ومن ثم يتم إصدار أحكاماً قاسية بسجنهم أو إعدامهم، استناداً على تلك الأدلة الواهية.
إن المنظمة لعربية لحقوق لإنسان في بريطانيا تؤكد انه لا يمكن الوثوق مطلقا بالروايات التي تقدمها السلطات المصرية فقد ثبت من قضايا مختلفة أن هذه السلطات لفقت تهما لأبرياء وحكمت على أموات وأطفال ومعتقلين في سجون الإحتلال الإسرائيلي.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تدعو أمين عام الامم المتحدة إلى تشكيل لجنة تحقيق في حادث اغتيال النائب العام المصري لإجلاء الحقيقة وتقديم المسؤولين عن هذه الجريمة للمحاسبة.
المصدر: المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا
التعليقات